إحياء الشعائر

هوية الکتاب

المرجع الديني الراحل

آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي

(أعلى الله درجاته)

الطبعة الأولى/ 1424ه / 2003م

تهميش

مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص ب 5955 / 13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

almojtaba@gawab.com

الطلیعة

بسم الله الرحمن الرحيم

ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ

شَعائِرَ اللهِ

فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ

صدق الله العلي العظيم

سورة الحج: الآية 32

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

تعتبر مسألة إحياء السنن والشعائر التي فرضها الله سبحانه من الأمور التي ينبغي على الأمة الاستجابة لنداء الحق والامتثال لأوامره فيها، وقد جاء لفظ (الإحياء) في القرآن المجيد ليدل على معان مختلفة، منها ما يحمل على الجانب المادي، وآخر ما يحمل على الجانب المعنوي.

والإنسان ككيان له بعدان: الأول البعد المادي وهو الجسد، وهناك البعد الآخر المتمثل بالجانب المعنوي وهو الروح، ولكل من البعدين غذاؤه الخاص به ومجاله الذي يسعى له.

فالروح هي المحور الأساسي في حياة الإنسان؛ لأن الأول _ المادي _ مصيره الذبول والفناء، والروح هي التي لها قابلية السمو والخلود. وإذا نظرنا إلى الآية المباركة حيث قال تعالى: *مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً*(1).

فنرى إشارة الآية الكريمة _ ظاهراً _ إلى البعد المادي، أي: حياة الإنسان المادية وإحياؤها وذلك بعدم تعريض الناس إلى الهلاك والقتل غير المشروع.

وهناك معنى آخر وهو الذي يشير إلى الإحياء الروحي المعنوي، فالإنسان عندما يدخل في طريق الضلال ويتبع خطوات الشيطان فهو بالحقيقة ميت، ومن سبّب إضلاله هو الذي سبب موته المعنوي فيعتبر قاتلاً له بهذا المعنى؛ فالذي يشرّع تشريعاً لم ينزل الله به من سلطان فقد أضل كل من يتبعه ولذلك ورد: «من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه»(2) وفي الحقيقة هو قاتل معنوي لأتباعه؛ لأنهم سلكوا طريقاً غير الطريق الذي أراده الله سبحانه لهم. ولعل

إلى هذا المعنى أشارت الآية المباركة في قوله تعالى: *أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ*(3).

فاعتبرت الآية الكريمة أن من كان بعيداً عن الإيمان وعن صراط الله سبحانه فهو بعيد عن النور أو العلم الذي به يعيش به الإنسان بين الناس، فالنور الذي بمعنى العلم والإيمان كما في الآية المباركة هو أحد معاني الإحياء.

وعندما ننظر إلى شخصية الإمام الحسين عليه السلام هذه الشخصية العظيمة التي لا تحيد عن الخط الذي وصفه القرآن كمنهج، نرى التعبير عنها في الأحاديث الشريفة بمصباح الهدى وسفينة النجاة، حيث جسدت تلك الشخصية المباركة بأفضل تعبير وإتقان. قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة»(4). ونحن نعلم أن المصباح هو مصدر النور وبه تنكشف الظلمة، فالإمام الحسين عليه السلام إذاً أحد مصادر النور الإلهي، قال تبارك وتعالى: *يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ*(5)، فالنور بالحقيقة حياة زاخرة بالعلم والمعرفة.

ومن هنا تعتبر المجالس الحسينية سمة بارزة لشيعة أهل البيت عليهم السلام في طريق إحياء النفوس وسوقها نحو الخير والفضيلة فإن إحياءها لم يكن أمراً جاء من فراغ؛ بل جاء تلبية لصاحب الرسالة السمحاء صلي الله عليه و اله وأهل بيته الكرام عليهم السلام الذين أمروا هذه الأمة بإحياء أمرهم.

والتأكيد على هذه المجالس لم يكن أمراً اعتباطياً، بل له أبعاد في مختلف جوانب الحياة؛ حيث تكون داعية لتحريك الفكر ومزودة الإنسان بسلاح المعرفة، وإن لم يكن من أهل الدراسات والاطلاع، كاشفة له خطط الأعداء ومؤامراتهم، فتبث في نفوس المجتمع وهج الإيمان، عبر تقوية الأواصر بين

أبناء الأمة مع بعضهم البعض خلال تلاقيهم في اجتماعهم. ومن جانب آخر توجب زيادة ارتباط المؤمنين بقادتها الحقيقيين وهم أهل البيت عليهم السلام، فالمجالس الحسينية وهي واحدة من أهم الشعائر التي هي كثيرة في معتقدنا ومنهجنا، لكن يبقى إحياء ذكر مصاب الإمام الحسين عليه السلام في مقدمة تلك الشعائر؛ لأنه عليه السلام مصباح الهدى ومنهج الحق، فإحياء ذكره عليه السلام يعني إحياء للإسلام الذي قتل هو وأصحابه (صلوات الله عليهم) من أجله.

ولا يخفى أن هذه المجالس والشعائر تهيئ الجو الإيماني في داخل المجتمع المسلم من خلال الارتباط الأخوي بين أفراد الأمة، ولعل هذه الشعائر التفت إليها أعداء الله والرسالة وأقلقت مضاجعهم فأخذوا يحاربونها بكافة الوسائل للقضاء عليها وهدم صرحها الذي شيد من مئات السنين. فتارة نراهم يرمون القائمين عليها بأقذع الكلام وأنفره، لأجل تنفير الأمة منهم، وتارة يوصمونهم بتهم هم بعيدون عنها كل البعد لأجل قتل شخصيتهم وإسقاطها من أعين الناس وتارة يشككون في شرعيتها.

فالمخططات قائمة وإلى يومنا هذا لأجل القضاء على الشعائر الإسلامية بكل أشكالها، سواء ما كان فيها على مستوى العبادات المفروضة كشعائر الحج وغيرها، أو على مستوى الشعائر الأخرى المستحبة المرتبطة بالمذهب الشريف، لذلك نسمع بين الفينة والفينة أصوات تقول بأن مشاريع إقامة المجالس لا تخدم الأمة الإسلامية بل تؤدي إلى الفرقة والتشرذم، ولطالما عملت الأنظمة الاستبدادية التي حكمت البلاد الإسلامية ومن ورائها الاستعمار الغربي والشرقي للقضاء على هذه الشعائر المقدسة، كمنع زيارة مراقد الأئمة عليهم السلام وهم قادة هذه الأمة وخاصة منع زيارة الإمام الحسين عليه السلام أو اعتقال المفكرين والخطباء وأصحاب القلم، فعلى شبابنا الواعي أن يتفطن إلى هذه الأمور وهذه الأصوات التي تريد أن تقضي على شعائرنا العبادية. وكما

ذكرنا أن شعائر الإمام الحسين عليه السلام من أهم تلك الشعائر، فلابد من إحياءها والعمل على استمراريتها.

ومن هنا يبين سماحة آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه) أن على الأمة أن تنتبه لما يحاط بها ويحاك ضدها وضد معتقداتها من دسائس ومؤامرات للقضاء على الفكر الإسلامي وهدم صرحه الشامخ الذي شيد بفضل الله وجهاد الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله وتضحية أهل بيته عليهم السلام وأتباعهم على مر السنين، وعلينا كأمة ومؤمنين أن نلبي دعوة قادتنا وعلمائنا بالامتثال لأوامرهم والركون إليهم والاستماع لنصحائهم؛ كي لانقع في حبائل الشيطان الرجيم والأعداء المتآمرين على الإسلام العزيز.

هذا ونظراً لما نشعر به من مسؤولية كبيرة في نشر مفاهيم الإسلام الأصيلة قمنا بطبع ونشر هذه المحاضرة التي هي جزء من سلسلة المحاضرات الإسلامية القيمة لسماحة الإمام الراحل (أعلى الله درجاته) التي ألقاها خلال فترة زمنية تتجاوز الأربعة عقود من الزمن في العراق والكويت وإيران..

نرجو من المولى العلي القدير أن يوفقنا لإعداد ونشر ما يتواجد منها، والسعي لتحصيل المفقود منها وإخراجه إلى النور، لنتمكن من نشر سلسلة إسلامية كاملة ومختصرة تنقل إلى الأمة وجهة نظر الإسلام تجاه مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية الحيوية بأسلوب واضح وبسيط.. إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص.ب: 5955 / 13

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

almojtaba@gawab.com

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.

معنى الإحياء

قال تعالى في كتابه المجيد: *مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً*(6).

ورد في بعض التفاسير(7) أن من معاني الإحياء في هذه

الآية الكريمة هو الخروج من الضلالة إلى النور، كما ورد عن سماعة، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أنزل الله عزوجل: *مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً

وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً*(8) قال:

«من أخرجها من ضلال إلى هدى فقد أحياها، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها».

وعن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته *وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً*؟ قال: «من استخرجها من الكفر إلى الإيمان»(9).

وعن فضيل بن يسار قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول الله في كتابه *وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً*؟ قال: «من حرق أو غرق».

قلت: فمن أخرجها من ضلال إلى هدى؟

فقال: «ذاك تأويلها الأعظم»(10).

كما قال تبارك تعالى: *أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ*(11) فاعتبرت الآية أن من كان بعيداً عن الإيمان فهو بعيد عن نور العلم والهداية، وجعلت الإيمان بمثابة النور أو العلم الذي يعيش به الإنسان بين الناس، فالنور الذي بمعنى العلم أو الإيمان كما في الآية، هو أحد معاني الإحياء. وحيث إن الإحياء مفهوم كلي فله مصاديق عديدة(12)...

فتارة يكون إحياءً لإنسان منحرف بأن يأتي إليه أحد المؤمنين ويعمل على إصلاحه وهدايته، وتارة يكون إحياءً لأناس موتى وذلك بذكرهم وبيان تاريخهم كما ورد في الحديث الشريف: «من ورخ مؤمناً فقد أحياه»(13)، فتعقد مجالس خاصة لذكر سيرة المؤمن المتوفى وتذكر مناقبه وفضائله، وإيمانه وأعماله، أو تكتب وتنشر هذه الأمور فتكون أيضاً إحياءً له.

ومن مصاديق الإحياء أيضاً المجالس التي تُعقد لذكرى وفيات ومواليد الرسول

الأعظم صلي الله عليه و اله والأئمة الأطهار عليهم السلام فإن إحياءها يعتبر وبلا شك، من الشعائر التي قال عنها الله عزوجل في كتابه المجيد: *ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ*(14).

فإن *ذَلِك* أي الأمر الذي هو من لوازم الإيمان وترك الشرك. *وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ* جمع شعيرة، وهي الشيء الملاصق للبدن، وسمى شعيرة بعلاقة الملابسة، والمراد بها الأمور المرتبطة بالله، وهو عام يشمل كل ما ورد به دليل خاص كالمناسك في الحج، أو دليل عام كالمدارس الدينية التي لم تكن في زمن الرسول صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام وإنما تشملها الأدلة العامة، والإتيان بهذه الجملة هنا بمناسبة أن أعمال الحج من الشعائر،*فَإِنَّهَا* أي أن تعظيم الشعائر *مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ* والضمير في *فَإِنَّهَا* عائد إلى الشعائر، والمراد به تعظيم الشعائر، من باب الملابسة _ مجازا _ وإضافة التقوى إلى القلوب؛ لأن حقيقة التقوى في القلب، وإنما يظهر أثره على الجوارح، والتعظيم حقيقة لا ينشأ إلا من تقوى القلب. والشعيرة هي الأمر المرتبط بشيء كأنه من علائمه ومزاياه، فشعائر الحج الأمور المربوطة بالحج، وشعائر الله الأمور المرتبطة بالله، ولعل اشتقاقها من الشعر بمعنى الشعور كأنه يشعر بالشيء، أو من الشعر بمعنى ما ينبت من الإنسان، كأن الشعيرة تلازم الشيء تلازم الشعر، أو تلازم الشعار _ الذي هو الثوب الذي على الجسد مقابل الدثار الذي هو الثوب الفوقاني _ لبدن الإنسان، والشعائر في الآية _ لكونها مطلقة _ تشمل كل شيء كان أو أصبح من الأمور المرتبطة بالله مما لم ينه عنه، فمعالم الحج من الشعائر، كما أن تشييد القباب على أضرحة الأئمة الطاهرين عليهم السلام من الشعائر(15).

ومن أهم الشعائر الإلهية ما

يرتبط بالمناسبات الدينية فإنه يصادف بعض أيام السنة العديد من المناسبات الإسلامية، ولابد من الاستعداد مسبقاً بشكل جيد لغرض إحيائها وتعظيمها بصورة تناسب نوع المناسبة؛ فإن إحياء المناسبات الإسلامية من الشعائر التي دعا إليها الإسلام. وليس هذا فحسب، بل حتى إحياء ذكرى موتى المؤمنين يعدّ بمثابة إحياء لهم، فيكون من باب أولى إحياء ذكرى الرسول صلي الله عليه و اله وأهل بيته عليهم السلام.

فقد ورد عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام أنّه قال: «اجتمعوا وتذاكروا تحفّ بكم الملائكة، رحم اللّه من أحيا أمرنا»(16).

وقال أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام لداود بن سرحان: «يا داود أبلغ مواليّ عنّي السّلام، وإنّي أقول: رحم اللّه عبداً اجتمع مع آخر فتذاكرا أمرنا فإنّ ثالثهما ملكٌ يستغفر لهما، وما اجتمعتم فاشتغلوا بالذّكر فإنّ في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءً لأمرنا، وخير النّاس من بعدنا من ذاكر بأمرنا وعاد إلى ذكرنا»(17).

إحياء ذكرى المؤمن

ولكن ما معنى إحياء ذكرى المؤمن؟

قد سبق أن الإنسان له بُعدان:

الأول: البعد المادي، المتمثل بالجسد وملازماته، من الطول والقصر واللون وما إلى ذلك...

الثاني: البُعد الروحي، أي آثاره العلمية، وسيرته الطيبة، وكلماته البنّاءة، فهذا البعد - الذي نحن بصدده الآن - يعتبر بمثابة الإشعاع، وبحثنا يدور حول الفائدة التي نحصل عليها منه.

فإن الإسلام أكّد كثيراً على هذا البعد في حياة الإنسان وبعد موته. ففي حياته أكّد على طلب العلم والتعلم والاتصال بالله تعالى بإخلاص، فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «اطلبوا العلم ولو بالصين فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم»(18).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم، والعلم كله حجة إلا ما عمل به، والعمل كله رياء إلا ما كان مخلصاً، والإخلاص على

خطر حتى ينظر العبد بما يختم له»(19).

وحذّر الإسلام من الجهل باعتباره من عوامل التخلف، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «الجهل مميت الأحياء ومخلد الشقاء»(20).

ثم نهى عن رذائل الأخلاق من الغيبة وغيرها، التي تميت الإنسان وتعمل على عكس إحيائه فقد اعتبر الغيبة مثلاً من الذنوب العظيمة؛ لأنها عامل قوي في إسقاط البعد المعنوي للإنسان المؤمن، وذهاب سمعته، وشخصيته، فإن الغيبة سوف تجذر النفاق في المجتمع بما تسبب انقطاع أواصر المحبة والأخوة، ومن ثم تسري إلى أن يتلاشى البعُد الروحي في حياة الإنسان نفسه، ومن هنا جاء القرآن يمنع حالة الغيبة فقال تعالى: *وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ*(21)، فإن الغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره، ولو بالإشارة و*أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً* فالغيبة بمنزلة أكل لحم الأخ الميت في شدة قبحه وكراهته، ولعل التشبيه من باب أن للأخ ذاتاً وذكراً فكما أن قطع قطعة من لحمه ولوكه في الفم قبيح، كذلك قطع قطعة من ذكره (عرضه) ولوكه في الفم كذلك، وقد جعل كونه غائباً مثل كونه ميتاً في عدم شعور كليهما بما يصنع بلحمه وبذكره*فَكَرِهْتُمُوهُ* فكما كرهتم أكل لحمه اكرهوا أكل عرضه *وَاتَّقُوا اللهَ* خافوا في عصيانه، وإذا اتقيتم الله وتبتم عما سلف منكم، ف_ *إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ* كثير قبول التوبة *رَحِيمٌ* يرحم العباد فلا يعاقبهم بعد توبتهم(22).

وقد وردت أحاديث كثيرة عن الأئمة عليهم السلام ينهون فيها عن الغيبة، ويبينون عقوبة مرتكبها، منها:

عن الإمام أبي محمّد العسكريّ عليه السلام قال:

«اعلموا أنّ غيبتكم لأخيكم المؤمن من شيعة آل محمّد عليهم السلام أعظم في التّحريم من الميتة، قال اللّه عزوجل: *وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ

لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ*(23)»(24).

وقال الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام:

«إيّاكم والغيبة فإنّها إدام من يأكل لحوم النّاس»(25).

وعن محمّد بن فضيل عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك، الرّجل من إخواني يبلغني عنه الشّي ء الذي أكرهه فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات؟

فقال لي: «يا محمّد كذّب سمعك وبصرك عن أخيك؛ فإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به وتهدم به مروءته، فتكون من الّذين قال اللّه: *إِنَّ الَّذِينَ يحِبّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَة فِي الَّذِينَ آمَنوا لَهم عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدّنيَا وَالآَخِرَةِ*(26)»(27).

وقال الإمام الصّادق عليه السلام: «إنّ لله تبارك وتعالى على عبده المؤمن أربعين جُنّة، فمتى أذنب ذنباً كبيراً رفع عنه جُنّة، فإذا اغتاب أخاه المؤمن بشيء يعلمه منه انكشفت تلك الجنن عنه، ويبقى مهتوك السّتر، فيفتضح في السّماء على ألسنة الملائكة، وفي الأرض على ألسنة النّاس، ولا يرتكب ذنباً إلا ذكروه، ويقول الملائكة الموكّلون به: يا ربّنا، قد بقي عبدك مهتوك السّتر وقد أمرتنا بحفظه! فيقول عزوجل: ملائكتي، لو أردت بهذا العبد خيراً ما فضحته، فارفعوا أجنحتكم عنه، فوعزتي، لا يئول بعدها إلى خير أبداً»(28).

وقال عليه السلام: «الغيبة حرام على كل مسلم مأثوم صاحبها في كل حال، _ إلى أن قال عليه السلام _ والغيبة تأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب، أوحى الله عزوجل إلى موسى بن عمران عليه السلام: المغتاب هو آخر من يدخل الجنّة إن تاب، وإن لم يتب فهو أول من يدخل النار، قال الله تعالى: *أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ* ووجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق والعقل والفعل والمعاملة والمذهب والجهل

وأشباهه، وأصل الغيبة متنوّع بعشرة أنواع: شفاء غيظ، ومساعدة قوم، وتهمة، وتصديق خبر بلا كشفه، وسوء ظنّ، وحسد، وسخريّة، وتعجّب، وتبرّم، وتزيّن، فإن أردت الإسلام فاذكر الخالق لا المخلوق فيصير لك مكان الغيبة عبرةً ومكان الإثم ثواباً»(29).

ومن هذا المعنى ندرك مدى اهتمام الإسلام بالإنسان حيث لم يسوغ له أن يغتاب أحداً فيقضي على البعد المعنوي فيه.

ومن جهة أخرى أكّد الإسلام على إحياء المؤمن بالذكر الحسن فحث على ذكر الناس المؤمنين بسيرتهم الصالحة أحياءً كانوا أم أمواتاً، والدعاء لهم، بل تقديمهم في الدعاء.

فقد جاء عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنه قال: «ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات، إلا رد الله عزوجل عليه مثل الذي دعا لهم به من كل مؤمن ومؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آتٍ إلى يوم القيامة، إن العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب، فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا ربِّ هذا الذي كان يدعو لنا، فشفِّعنا فيه، فيشفّعهم الله عزوجل فيه فينجو»(30).

نعم، هذا قسم من البعد الروحي الذي يهتم الإسلام بتنميته، لما له من فوائد جليلة في الدنيا والآخرة. ونلمس هذا بوضوح في حكاية القرآن عن لسان إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: *وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ*(31).

يعني: يا ربّ، أسألك أن تجعل الناس من بعدي يذكرونني بأن أكون قدوة لهم، فيثنون عليَّ ثناء صادقاً، لكي تبقى طريقتي بين الناس، التي هي التوحيد، والعمل بشرع الله، وفي النهاية سيصبح الدين الذي أرسلتني به سبباً لسعادة الناس في الدنيا ونجاتهم يوم الحساب، وقد أجاب الله سبحانه دعاء إبراهيم عليه السلام، فقد مرت عشرات القرون والأمم كلها يثنون على إبراهيم عليه السلام ويذكرونه بتجلة وإكبار(32).

الاستعمار ومحاربة الشعائر

إن الأجهزة الاستعمارية

اليوم، تعارض وبشدة، إقامة مثل هذه المجالس والشعائر، في مختلف المناسبات، خوفاً من امتداد إشعاع الأئمة عليهم السلام على كل طبقات المجتمع، فيفيق من نومه ويصحو كاشفاً مخططات الاستعمار فيفشلها، ولابد من ذلك اليوم الذي تهدّ فيه أعمدة الكفر.

أما كيف كان الاستعمار يحارب المجالس فذلك عبر أساليب عديدة ومن جملة تلك الأساليب هو زرع أو تربية عملاء لمحاربة الدين وربما كان يتظاهر بعضهم بخدمة الدين. وهذا ما حصل بالفعل.

فعلى سبيل المثال قام البهلوي الأول(33) في إيران: بمحاربة قرّاء القرآن وخطباء المنابر كثيراً، وقد أوجد كثيراً من الضغوط عليهم، يقول شاعر فارسي قصيدة حول هذا الوضع ما مضمونه(34): إن البهلوي أول أمره كان يركض حاسراً في العزاء، وآخر الأمر أقام حفلات الفسق في ليلة عاشوراء.

وكذلك كان ياسين الهاشمي(35) وهو أحد عملاء الاستعمار في العراق والمنطقة العربية، فإنه عمل كلّ ما بوسعه من أجل الضغط على هذه المجالس، وملاحقتها، ومنعها.

وقد كان مصطفى كمال أتاتورك في تركيا(36) كذلك، حيث حارب الدين والمتدينين ومنع مختلف الشعائر الدينية ومجالس العزاء وما أشبه، ثم إن هؤلاء الثلاثة (البهلوي والهاشمي وأتاتورك) كانوا قد ظهروا في وقت واحد.ولكن رُبَّ سائل يسأل: لماذا كان هؤلاء يحاربون الشعائر الدينية، التي من بينها مجالس العزاء، أو محافل القرآن وغيرها؟.

نقول: إن محاربتهم للشعائر دليل واضح على مدى أهميتها، وقوة تأثيرها على أفراد الأمة، وإلاّ لم يكن هناك مبرر ومقتض لمنع الناس عنها، ومنعها عنهم.

إن لمجالس العزاء أهمية كبيرة لا يمكن تجاهلها، وإن للمنبر الحسيني والشعائر دوراً عظيماً في إحياء الشعوب. وهذا مما لا ينكر.. وإن لمحافل القرآن أثراً فعّالاً في النفوس، حيث يبقى صدى القرآن يرنّ في مسامع المؤمنين، وتطمئن قلوبهم لذكر الله، فيدخل

القرآن في وجودهم وتكون آياته منطلقاً لهم.. فالقرآن يرفض الظلم والعدوان،وأكل حقوق الناس،ومصادرة حرياتهم، واستعبادهم؛ قال تعالى في كتابه المجيد: *وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ*(37).

وقال سبحانه: *وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ*(38).

وقال تعالى: *وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَ بِالْحَقِّ*(39).

وقال سبحانه أيضاً: *أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً*(40).

والمسلمون عندما يقرأون هذه الآيات، سوف يفتح الله لهم أفئدتهم ويرسخ في نفوسهم مفاهيم القرآن أكثر فأكثر ليدركوا أن الواقع الذين يعيشونه مخالف للقرآن فيسعون في إصلاحه.

من هنا عمل الطغاة على منع ومحاربة المنابر، ومجالس العزاء، التي تفضح المجرمين وتبشرهم بالعذاب الأليم، وتكشف الحقائق للأمة، وتجعلهم على دراية من الأمر.

أتأتي قبر الحسين عليه السلام؟

إن أئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يؤكدون دائماً على إحياء الشعائر بمختلف أشكالها من الزيارة وإقامة المجالس والبكاء وما أشبه.

فقد ورد عن مسمع بن عبد الملك كردين البصري قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: «يا مسمع، أنت من أهل العراق، أما تأتي قبر الحسين عليه السلام؟

قلت: لا؛ أنا رجل مشهور عند أهل البصرة، وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة وعدونا كثير من أهل القبائل من النصاب وغيرهم، ولست آمنهم أن يرفعوا حالي عند ولد سليمان فيمثلون بي.

قال لي: «أفما تذكر ما صنع به؟».

قلت: نعم.

قال : «فتجزع؟».

قلت: إي والله واستعبر لذلك حتى يرى أهلي اثر ذلك علي، فامتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي.

قال: «رحم الله دمعتك، أما انك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا ويأمنون إذا آمنا، أما انك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيتهم ملك

الموت بك، وما يلقونك به من البشارة أفضل، وملك الموت ارق عليك واشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها».

قال: ثم استعبر واستعبرت معه، فقال: «الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة وخصنا أهل البيت بالرحمة، يا مسمع، إن الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين عليه السلام رحمة لنا، وما بكى لنا من الملائكة أكثر، وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه، فإذا سالت دموعه على خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر، وإن الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه حتى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي ان يصدر عنه. يا مسمع، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ولم يستق بعدها أبداً، وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل، أحلى من العسل، وألين من الزبد، وأصفى من الدمع، وأذكى من العنبر، يخرج من تسنيم ويمر بأنهار الجنان، يجري على رضراض الدر والياقوت، فيه من القدحان اكثر من عدد نجوم السماء، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة حتى يقول الشارب منه: يا ليتني تركت هاهنا لا أبغي بهذا بدلا ولا عنه تحويلا. أما إنك يا كردين ممن تروي منه، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر وسقيت منه من أحبنا، وإن الشارب منه ليعطى من اللذة والطعم والشهوة له

أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا، وإن على الكوثر أمير المؤمنين عليه السلام وفي يده عصا من عوسج يحطم بها أعدائنا، فيقول الرجل منهم: إني أشهد الشهادتين! فيقول: انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك، فيقول: يتبرأ مني إمامي الذي تذكره؟ فيقول: ارجع إلى ورائك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق، فاسأله إذا كان خير الخلق عندك أن يشفع لك، فإن خير الخلق حقيق أن لا يرد إذا شفع، فيقول: إني أهلك عطشا؟ فيقول له: زادك الله ظمأ، وزادك الله عطشا».

قلت: جعلت فداك وكيف يقدر على الدنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره؟

فقال: «ورع عن أشياء قبيحة وكف عن شتمنا أهل البيت إذا ذكرنا، وترك أشياء اجترى عليها غيره، وليس ذلك لحبنا ولا لهوى منه لنا، ولكن ذلك لشدة اجتهاده في عبادته وتدينه ولما قد شغل نفسه به عن ذكر الناس، فأما قلبه فمنافق ودينه النصب باتباع أهل النصب وولاية الماضين وتقدمه لهما على كل أحد»(41).

حيل الغرب في بلاد المسلمين

وسنذكر شاهداً حول هذا الكلام، ثم نعود لنسمع الحقائق على لسان أحدهم.

أما شاهدنا فهو من بلاد الهند وفي إحدى مدنها، التي كانت تعيش الإسلام في حياتها، ويتعالى في آفاقها صدى الأذان، ونداءات الإيمان، في تلك المدينة كان الناس يعيشون حياة هانئة في ظل الإسلام، ولكن عندما دخلها الإنكليز تحت خدعة وحيلة الشركات التجارية، حوّلوا الهند بعد عدة سنوات إلى بلاد مستعمرة بأيديهم _ أي غزوها اقتصادياً _ وحينما دخل الإنكليز كان في الهند شخص اسمه السلطان (تيبو) (42) فقام تيبو هذا بجمع الأعوان وتكوين جيش، وقاوم الاستعمار الإنكليزي، لكنه لم يكن يملك العدد الكافي من المقاتلين في حين كان الإنكليز يمتلكون كل القدرات

الحربية. وكانت النتيجة أن تغلّب الإنكليز على (تيبو) وقتلوا جميع أعوانه وأنصاره، ثم أعطوا أمراً يقضي بقتل نسائهم وأطفالهم وعرّضوا المدينة لمجزرة بشعة، وبقيت جثث القتلى مدة طويلة على الأرض حتى صارت طعمة للحيوانات الجائعة.

بعد ذلك وعندما أثبت الاستعمار الإنكليزي سيطرته على الهند، كان مما أصدروا قانوناً منعوا بموجبه إقامة محافل القرآن، ومجالس التعزية، بينما كان الهنود يهتمون بهذين الأمرين، ويقيمون مراسم العزاء والشعائر الحسينية بشكل جيد، وأكثر من هذا فقد أصدروا قانوناً مفاده: أن أي إنسان يقوم بعقد هذه المجالس، فإنه يُحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.

وبعد مدة من صدور هذين القانونين، ظهر رجل متدين ومخلص، وكان من علماء الدين، وقال: حتى لو قررت الدولة حبسي فإنني عازم على تعليم الأطفال القرآن، وكان يقول لكثير من الآباء: أرسلوا أولادكم لكي يتعلموا القرآن، ونتيجة بطش السلطة خاف الناس من إرسال أولادهم إليه حيث لم يأته إلى المسجد في البداية غير طفل يتيم واحد، إلا أن الرجل لم ييأس ولم يهن بل كان مصمماً على عمله، فاستمر في تدريس اليتيم مدة من الزمن حتى أخذ الطلاب يزدادون يوماً بعد يوم وشيئاً فشيئاً، حتى صار ذلك المسجد عامراً بالدرس والمجالس، بعد ذلك علمت الدولة بالموضوع، وأخذت الشيخ إلى السجن وضغطت عليه لكي يتعهد بعدم تدريس القرآن، إلا أنه أظهر الثبات وعلو الهمة والاستقامة، فاستمر في تعليم القرآن، حتى بعد أن خرج من السجن.

وهكذا استمر على إقامة الدرس، حتى تكوّنت إلى جانب دروسه دروسٌ أخرى، ثم انتشرت بعد ذلك مدارس القرآن، في العديد من المساجد مرة أخرى.

يعلم من هذه القصة: أن الاستعمار وعملاءه يخافون من الثقافة الإسلامية وترويج الشعائر الإلهية، فيمنعون إقامتها في مستعمراتهم بشتى الطرق والمبررات،

ولا يمكن مقابلتهم إلا بالصمود والإصرار والتواصل حتى ولو كان ذلك بمقدار قليل، فإن تحقيق الأهداف العظيمة إنما ينشأ من خطوات قصيرة، وكما في المثل: (طريق الألف ميل يبدأ بخطوة).

ومن هنا يلزم التأكيد على ضرورة إقامة المجالس الحسينية بمختلف أشكالها المعهودة، سواء كان للرجال أم النساء وحتى الأطفال، أما ما يقوله البعض بأن فلاناً يقرأ المجالس النسوية استصغاراً بشأنه، فإنه غير صحيح، وذلك لما تقدم من ذكر فائدة المجالس. فمثلاً: حينما يقول القارئ: إن يزيد كان شارب الخمر، فإن المستمع سواء كان امرأة أو طفلاً، فإنه يفهم من هذا أن شرب الخمر شيء قبيح، وحينما يقول: إن يزيد لم تكن لديه عفة، فإن المرأة والبنت الصبية تفهم من أن العفة شيء حسن، وهكذا بقية الصفات من هذا القبيل.

ثم إذا كان القارئ في المجالس قليل العلم، فيجب عليه أن يتعلم، ولا عيب في التعلم، بل كل العيب في الجهل، وفي إعطاء المفاهيم بصورة غير صحيحة، أما القارئ الذي يقرأ للنساء أو للأطفال فلا عيب فيه.

ورد عن أبي عبد الله عن أبيه عليه السلام قال: «قال علي عليه السلام _ في كلام له _: لا يستحي الجاهل إذا لم يعلم أن يتعلم»(43).

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله : «يا علي، لا فقر أَشد من الجهل ولا مال أَعود من العقل»(44).

لذا فإن هذه المجالس تساهم بشكل مباشر في بث الوعي الديني بين الجماهير، وغرس المبادئ الصحيحة والأخلاق الحسنة، واقتلاع جذور الظالمين من البلاد الإسلامية، وتبعث اليأس في قلوب الطامعين في ثروات البلاد الإسلامية.

مجالس التعزية على لسان قس مسيحي

نقل لي أحد مراجع الدين في مدينة قم المقدسة، قصة ظريفة؛ حيث قال: حينما كنت أدرس في النجف الأشرف، سافرت مرة إلى بغداد

مع بعض الطلبة، حيث عرضت لنا حاجة، وهناك سمعنا أن أحد القساوسة يبشّر للمسيحية، فأردنا أن نطلع على نشاطهم في بلادنا فذهبنا إلى المجلس الذي فيه ذلك القس.

وبعد انتهاء المجلس، وانصراف الناس، توجّه إلينا، وقال: من أنتم؟.

فقلت له: نحن من أهل هذا البلد.

فقال: لا أعني هذا، بل إني أرى عليكم صفة أهل العلم، ولا أرى أنكم أتيتم إلى هنا لكي تستفيدوا.

فقلت له: إننا من طلبة العلوم الدينية، وندرس في النجف الأشرف.

فقال: نعم لقد أدركت هذا.

ثم قال ذلك المسيحي: سأقول لك حقيقة قد لا يقولها لك إنسان غيري. وهذه الحقيقة هي أن نبيكم صلي الله عليه و اله كان إنساناً عالماً واعياً فاهماً، ولا يدانيه أحد في ذلك، وقد ترك لكم أشياء لم يتركها أي نبي من الأنبياء لأمته من بعده، ولو كان عندنا واحدة من هذه الأشياء، لجعلنا العالم كله مسيحياً وهي كالتالي:

أولها: هو القرآن الكريم معجزة الإسلام الخالدة.

وثانيها: ذرية نبيكم الذين يطلق عليهم الآن (السادة)، الذين يوحون للناس بوجود الرسول صلي الله عليه و اله.

وثالثها: مراقد الأئمة عليهم السلام وأولادهم، فهي كالقطب، تستقطب الناس حولها دوماً، وهي مصدر روحي لهم، وهي مدرسة تذكر الناس بسيرتهم وشريعتهم.

ورابعها: مجالس العزاء التي تقام من أجلهم، فهي أفضل مراكز روحية تشد الناس نحو الإسلام، وكما ترى فإنني هيأتُ هذه الكميات الكبيرة من الفواكه والحلويات، ولكن لم يأت إلى هذا المجلس إلا العدد القليل من الناس، في حين أنكم بمجرد أن تضعوا راية على باب الدار، وتكتبون عليها (يا حسين) ولا تعطون غير الشاي، ومع هذا فإن جمعاً غفيراً من الناس يجتمع حولكم للاستماع إليكم.

وخامسها: علماؤكم فإنهم حصون الناس من الفتن.

نعم، إن مجالس العزاء تحظى بأهمية خاصة، وكذلك

إقامة المراسيم، وإحياء الاحتفالات بمناسبة ولادات الأئمة الأطهار عليهم السلام.

فإن لهذه المجالس فوائد عظيمة جداً، حيث يطرح من خلالها رأي الإسلام تجاه كل شيء في الحياة، لا سيما مسألة الحكم والحكومة، ورئيس الدولة ومواصفاته، وكيفية سيرته، وغير ذلك من المواصفات التي ذكرها الإسلام بدقة، وتراها في سيرة رسول الله صلي الله عليه و اله والأئمة الطاهرين عليهم السلام بشكل واضح.

وعندما تطرح هذه المسائل، من خلال هذه المجالس فإنها لا تتناسب مع رغبات حكّام الجور، وعندما تذكر صفات الأئمة عليهم السلام وشجاعتهم وتضحياتهم من أجل الإسلام والمسلمين، وأمر الناس بالتحلي والتأسي بهم، والتوكل والاعتماد على الله عزوجل وعدم الخوف من أي أحد دونه، فهذه المواضيع كلها لاتتلاءم مع سياسة الطغاة، الذين يحاولون إبعاد الناس عن الإسلام، وإبعادهم عن حضارتهم، وتضعيف إيمانهم، والعمل على زرع مفاهيم ملحدة فيهم، بدل المفاهيم الإسلامية؛ مثل: الصدق والأمانة والإخلاص والمسؤولية، والجهاد والتضحية، وقول كلمة الحق، فيعمل هؤلاء الحكام على نشر مفاهيم الفساد وزرع الفتن وإبعاد الناس عن الأخوة الإسلامية بالتركيز على القومية وما أشبه من المفاهيم الخاطئة الباطلة، للتغطية على المفاهيم الصحيحة.

ومن هنا، كان الحكام الجائرون في حروب مستمرة مع مجالس العزاء والشعائر الدينية، لاسيما مجالس أبي عبد الله الحسين عليه السلام.

والكل يعلم ما للمنبر الحسيني من دور واضح، في توعية الأمة وبث الروح فيها.. واستنهاض هممها وتعبئتها بالأفكار الإسلامية، ودعوة الناس إلى الخير والفضيلة، والتعاون والمحبة والتناصر والتأسي بالإمام الحسين عليه السلام.

فاللازم على كافة المؤمنين الاهتمام بالشعائر الدينية والمجالس الحسينية، كما ينبغي أن تقام المجالس الأسبوعية في كل بيت ومسجد وحسينية وما أشبه، فإن هذه المجالس توجب الرحمة والبركة ونشر الوعي الديني بين الأمة.

من هدي القرآن الحكيم

حياة المؤمن

قال تعالى: *وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ

يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ*(45).

وقال سبحانه: *أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ*(46).

وقال عزوجل: *لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ*(47).

وقال تبارك وتعالى: *لِينذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ القَول عَلَى الكَافِرِينَ* (48).

دور المجالس في إنهاض الأمة

قال عزوجل: *الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ*(49).

وقال سبحانه: *فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ*(50).

وقال تعالى: *إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ*(51).

وقال جل وعلا: *بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ*(52).

الاستعداد الدائم للدفاع عن الإسلام

قال تعالى: *وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ*(53).

وقال سبحانه: *وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ*(54).

وقال عزوجل: *وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا*(55).

الدعوة لنشر الدين الإسلامي

قال عزوجل: *فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ*(56).

وقال سبحانه: *وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ*(57).

وقال تعالى: *فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ*(58).

وقال جل وعلا: *فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ*(59).

من السنة المطهرة

إحياء الشعائر

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا..» (60).

وقال الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «تجلسون وتحدثون؟»

قلت: نعم.

قال: «تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا. يا فضيل، مَن ذَكَرنا أو ذُكرنا عنده فخرج عن عينيه مثل جناح الذباب غفر الله

له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر»(61).

وعن معتب مولى أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول لداود بن سرحان: «يا داود، أبلغ موالي عني السلام، وإني أقول رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذاكرا أمرنا، فإن ثالثهما ملكٌ يستغفر لهما وما اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياء لأمرنا وخير الناس من بعدنا من ذاكر بأمرنا وعاد إلى ذكرنا»(62).

وعن أم المؤمنين أم سلمة (رضي الله عنها) أنها قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: «ما اجتمع قوم يذكرون فضل علي بن أبي طالب عليه السلام إلا هبطت عليهم ملائكة السماء حتى تحف بهم، فإذا تفرقوا عرجت الملائكة إلى السماء فيقول لهم الملائكة: إنا نشم من رائحتكم ما لا نشمه من الملائكة، فلم نر رائحة أطيب منها؟ فيقولون: كنا عند قوم يذكرون محمداً وأهل بيته عليه السلام فعلق علينا من ريحهم فتعطرنا، فيقولون: اهبطوا بنا إليهم، فيقولون: تفرقوا ومضى كل واحد منهم إلى منزله، فيقولون: اهبطوا بنا حتى نتعطر بذلك المكان»(63).

وقال الإمام الرضا عليه السلام: «ما قال فينا مؤمن شعراً يمدحنا به إلا بنى الله له مدينة في الجنة أوسع من الدنيا سبع مرات، يزوره فيها كل ملك مقرب، وكل نبي مرسل»(64).

وقال أيضاً عليه السلام: «من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلساً يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب»(65).

دور المجالس في إنهاض الأمة

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «مجلس الحكمة غرس الفضلاء»(66).

وقال عليه السلام: «مجالس العلم غنيمة»(67).

وقال عليه السلام: «أيها الناس، إنه من استنصح الله وفّق، ومن اتخذ قوله دليلاً هُدِيَ للتي

هي أقوم»(68).

وقال عليه السلام: «ما جالس أحد هذا القرآن إلا قام بزيادة أو نقصان، زيادة في هدى، أو نقصان من عمى»(69).

نفي البدع

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله»(70).

وقال صلي الله عليه و اله: «إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلموا من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة»(71).

وقال صلي الله عليه و اله أيضاً: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد»(72).

وقال صلي الله عليه و اله: «... فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فانه شافع مشفع _ إلى قوله صلي الله عليه و اله _ وهو أوضح دليل إلى خير سبيل...» (73).

الدعوة لنشر الدين الإسلامي

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من أدى إلى أمتي حديثاً يقيم به سُنّة ويرد به بدعة فله الجنة»(74).

وقال صلي الله عليه و اله: «من تعلم حديثين اثنين ينفع بهما نفسه، أو يعلمهما غيره فينتفع بهما كان خيراً من عبادة ستين سنة»(75).

خطب رسول الله صلي الله عليه و اله يوماً في منى فقال: «نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وبلّغها من لم يسمعها _ إلى أن قال صلي الله عليه و اله _ ثلاثة لا يغل عليهن قلب عبد مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم..» (76).

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إنما نصر هذه الأمة بضعفائها ودعوتهم وإخلاصهم وصلاتهم»(77).

رجوع إلى القائمة

الهوامش

(1) سورة المائدة: 32.

(2) الكافي: ج1 ص42 باب النهي عن القول بغير علم ح3.

(3) سورة الأنعام: 1.

(4) انظر الصراط المستقيم: ج2 ص161 ب10 النص على زين العابدين عليه السلام، وفيه قال الحسين عليه السلام: «دخلت على جدي وعنده أُبي بن كعب، فقال لي: مرحبا يا زين السماوات والأرض، فقال أُبي: كيف يكون غيرك زينها؟ فقال صلي الله عليه و اله: والذي بعثني بالحق، إنه لفي السماء أكبر منه في الأرض، وإنه مكتوب على يمين العرش إنه مصباح هدى وسفينة نجاة...» الحديث.

(5) سورة التوبة: 32.

(6) سورة المائدة: 32.

(7) تفسير العياشي: ج1 ص313 سورة المائدة ح85، وانظر تفسير القمي: ج1 ص167 قصة قابيل وهابيل.

(8) سورة المائدة: 32.

(9) مستدرك الوسائل: ج12 ص239 ب18 ح13993.

(10) الكافي: ج2 ص210 باب في إحياء المؤمن ح2.

(11) سورة الأنعام: 122.

(12) انظر تفسير مجمع البيان: ج4 ص152 سورة الأنعام.

(13) سفينة البحار: ج2 ص641 مادة (ورخ).

(14) سورة الحج: 32.

(15) انظر تفسير تقريب

القرآن: ج6 ص40 سورة الحج.

والشعائر لغة _ كما في لسان العرب _: من شعر: شَعَرَ به وشَعُرَ يَشْعُر شِعْراً وشَعْراً وشِعْرَةً ومَشْعُورَةً وشُعُوراً، كله: عَلِمَ. وحكي: ما شَعَرْتُ بِمَشْعُورِه حتى جاءه فلان، وحكي أَيضاً: أَشْعُرُ فلاناً ما عَمِلَهُ، وأَشْعُرُ لفلانٍ ما عمله، وما شَعَرْتُ فلاناً ما عمله، قال: وهو كلام العرب.

ولَيْتَ شِعْرِي: أَي ليت علمي أَو ليتني علمت، وليتَ شِعري من ذلك: أي ليتني شَعَرْتُ، وروي: ليتَ شِعْرِي ما صَنَعَ فلانٌ، أَي ليت علمي حاضر أَو محيط بما صنع. وأَشْعَرَهُ الأَمْرَ وأَشْعَرَه به: أَعلمه إِياه.

والإِشْعارُ: الإِعلام. والشّعارُ: العلامة.

و الشَّعِيرة: البدنة المُهْداةُ، سميت بذلك لأَنه يؤثر فيها بالعلامات، والجمع شعائر.

وشِعارُ الحج: مناسكه وعلاماته و آثاره وأَعماله، جمع شَعيرَة، وكل ما جعل عَلَماً لطاعة الله عزوجل كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك.

والمَشْعَرُ: المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ من مُتَعَبَّداتِهِ.

والمَشاعِرُ: المعالم التي ندب الله إِليها وأَمر بالقيام عليها؛ ومنه سمي المَشْعَرُ الحرام لأَنه مَعْلَمٌ للعبادة وموضع؛ قال: ويقولون هو المَشْعَرُ الحرام والمِشْعَرُ، ولا يكادون يقولونه بغير الأَلف واللام.

وقال الزجاج: شعائر الله: يعني بها جميع متعبدات الله التي أَشْعرها الله أَي جعلها أَعلاماً لنا، وهي كل ما كان من موقف أَو مسعى أَو ذبح، وإِنما قيل شعائر لكل علم مما تعبد به لأَن قولهم شَعَرْتُ به علمته، فلهذا سميت الأَعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر. والمشاعر: مواضع المناسك. انظر لسان العرب: ج4 ص409 مادة (شعر).

ومنه عن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «أتاني جبرئيل فقال: مر أصحابك أَن يرفعوا أَصواتهم بالتلبية فإِنه من شعار الحج». (انظر مستدرك الوسائل: ج9 ص177 ب24 ح10605).

وجاء في مجمع البحرين: ج3 ص346 مادة (شعر) قوله

تعالى: *وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ* سورة الحج: 36. جعلناها من شعائر الله، لكم فيها خير، أي: مال من ظهرها وبطنها؛ وإنما قدر ذلك لأنه في المعنى تعليل لكون نحرها من شعائر الله، بمعنى أن نحرها مع كونها كثير النفع والخير، وشدة محبة الإنسان من مال من أدل الدلائل على قوة الدين وشدة تعظيم أمر الله.

قوله: *لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ* سورة المائدة: 2. قيل: اختلف في معنى شعائر الله على أقوال: منها لا تحلوا حرمات الله ولا تتعدوا حدوده، وحملوا الشعائر على المعالم، أي معالم حدود الله وأمره ونهيه وفرائضه.

والتلبية شعار المحرم: أي علامته. وشعار القوم في الحرب: علامتهم ليعرف بعضهم بعضا في ظلمة الليل.

وفي الحديث: «الفقر شعار الصالحين» أي علامتهم (انظر عدة الداعي: ص117 ب2 ق6).

(16) مستدرك الوسائل: ج12 ص393 ب23 ح14391.

(17) مستدرك الوسائل : ج 8 ص325 ب9 ح9563.

(18) وسائل الشيعة: ج27 ص27 ب4 ح33119.

(19) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج1 ص281 ب28 ح25.

(20) غرر الحكم ودرر الكلم: ص 75 ق1 ب1 الفصل6 ح1164.

(21) سورة الحجرات: 12.

(22) انظر تقريب القرآن إلى الأذهان: ج26 ص130 سورة الحجرات.

(23) سورة الحجرات: 12.

(24) مستدرك الوسائل: ج9 ص113 ب132 ح10389.

(25) مستدرك الوسائل: ج9 ص113 ب132 ح10391.

(26) سورة النور: 19.

(27) وسائل الشيعة: ج12 ص295 ب157 ح16343.

(28) الاختصاص: ص220.

(29) مصباح الشريعة: ص204 ب100.

(30) الكافي: ج2 ص507 باب الدعاء للإخوان بظهر الغيب ح5.

(31) سورة الشعراء: 84.

(32) انظر تقريب القرآن إلى الأذهان: ج19 ص75 سورة الشعراء.

(33) رضا بهلوي (1878-1944م): شاه إيران، كان ضابطاً من ضباط الجيش الإيراني فأطاح بأسرة قاجار الحاكمة على إيران آنذاك فأعلن نفسه ملكاً على إيران عام (1925م) حكم بالظلم والجور والاستبداد، ونشر الفساد، ثم

اضطر للتنازل عن العرش لابنه محمد رضا (1941م) بأمر من الإنكليز، نفي إلى جزيرة موريس وقتله الإنكليز بحقنة زرقوه بها.

(34) وأصل البيت باللغة الفارسية هو:

أولش أو سر برهنه در عزاها ميدويد عاقبت جشنى پبا در ليله عاشور كرد.

(35) ياسين حلمي باشا سلمان الهاشمي، من مواليد بغداد عام (1882م)، تعلم ببغداد ثم في الأستانة وبرلين، وتخرج ضابط أركان حرب سنة (1905م) خاض الحرب البلقانية، دخل جمعية العهد ونقل إلى الموصل ثم إلى دمشق، حارب الثورة العربية وتولى قيادة فيلق الأتراك في الشام، وعند وصول فيصل فاتحا إلى الشام جاءه ياسين فعينه رئيساً لديوان الشورى الحربي سنة (1918م)، وبعد تأسيس الدولة العراقية عام (1921م) أذن له الإنكليز بدخول العراق عام (1922م)، عين محافظاً للمنتفك في (1922م)، وتقلّد وزارات عدة، ألف حزب الشعب وتقلد رئاسة الوزارة مرتين. ومما ذكر في أحواله أنه بعد تعيينه زار المس بيل وصافحها قائلاً: نريد معونتكم ومعونتكِ أنت بوجه خاص، وتقول المس بيل في رسالتها إلى أبيها المؤرخة في (31 آب 1922م): اعتقد أن ياسين رجل القَ_دَر. وتقلد وزارت_ه الث_اني_ة عام (1935م) وفيها اصدر قانوناً حلّ فيه جميع الأحزاب، والتي أطاح بها بك_ر صدق_ي عام (1936م)، وتقلّد مناصب عدة في وزارات جعفر العسكري، وعب_د المحسن السع_دون، ووزارة ناج_ي السويدي ووزارة رشيد عالي الكيلاني الأولى والثانية. بعد ثورة بكر صدقي عام (1936م) التجأ إلى سوريا ولبنان ومات ببيروت عام (1937م) ودفن في دمشق عند قبر صلاح الدين الأيوبي. أطلق عليه لقب (أتاتورك العراق) لتشابه المنهج والسياسة التي كانا يسيران عليها ولقساوته وعنفه وطغيانه، وتكفّ_ل مهمة تصفية الحوزات العلمية في العراق، فطارد رجال الدين وقت_ل بعضهم ونفى البعض الآخر ومن_ع إجراء مراسم الشع_ائر الحسينية

واستخدم العنف في تطبيق قانون التجنيد الإلزامي. انظر أعلام السياسة في العراق: ص101-102. وموسوعة السياسة: ج7 ص387 ياسين الهاشمي.

(36) الشيعة يشكلون الملايين من سكان تركيا، وأغلبهم من العلويين حيث يقدر عددهم بأكثر من خمسة وعشرين مليوناً، لكنهم تعرّضوا إلى الضغوط والمضايقات أيام الملك العثماني سليم القانوني وغيره، ولذا أخفوا مذهبهم، فاختفى إلى جانب ذلك الوعظ والتبليغ والكثير من آداب المذهب الشيعي، وظهر في جماعة منهم بعض الأمور البعيدة عن واقعهم.

وأتاتورك هذا هو مصطفى كمال أتاتورك (1881 _ 1938م) ولد في سلانيك، مؤسس الجمهورية التركية وأول رئيس لها، قام بنشر المفاسد في بلاده، رسخ العلمانية والأفكار الغربية في تركيا، وحارب كل ما يمت إلى الدين الإسلامي فيها، وغيّر كتابة اللغة التركية من الحرف العربي إلى الحرف اللاتيني.

(37) سورة المائدة: 47.

(38) سورة البقرة: 190.

(39) سورة الأنعام: 151.

(40) سورة الكهف: 102.

(41) كامل الزيارات: ص101 ب32 ح6.

(42) لقد قام سفير الهند في العراق بزيارة الإمام الراحل * في مدينة كربلاء المقدسة، وتحدّث السفير عن السلطان تيبو، وقال: إنه قام بتلك المواجهة، لأنه كان علوياً، كما أن اسمه علي، وزوجته فاطمة.

(43) بحار الأنوار: ج1 ص176 ب1 ح45.

(44) الكافي: ج1 ص26 كتاب العقل والجهل ح25.

(45) سورة البقرة: 154.

(46) سورة الجاثية: 21.

(47) سورة الأنفال: 42.

(48) سورة يس: 70.

(49) سورة الرعد: 28.

(50) سورة ق: 45.

(51) سورة الأعراف: 201.

(52) سورة القصص: 43.

(53) سورة الأنفال: 60.

(54) سورة الأنفال: 39.

(55) سورة البقرة: 217.

(56) سورة الروم: 43.

(57) سورة فصلت: 33.

(58) سورة الشورى: 15.

(59) سورة غافر: 14.

(60) وسائل الشيعة: ج15 ص190 ب4 ح20245.

(61) وسائل الشيعة: ج12 ص20 ب10 ح15532.

(62) مستدرك الوسائل : ج8 ص325 ب9 ح9563.

(63) مستدرك الوسائل : ج12 ص392 ب23 ح14387.

(64) عيون أخبار الرضا عليه

السلام: ج1 ص8 ح3.

(65) أمالي الشيخ الصدوق: ص73 المجلس17 ح4.

(66) غرر الحكم ودرر الكلم: ص47 ق1 ب1 الفصل3 ح225.

(67) غرر الحكم ودرر الكلم: ص47 ق1 ب1 الفصل3 ح226.

(68) نهج البلاغة، الخطب: 147 من خطبة له عليه السلام.

(69) غرر الحكم ودرر الكلم: ص111 ق1 ب4 الفصل4 ح1975.

(70) الكافي: ج1 ص54 باب البدع والرأي والمقاييس ح2.

(71) الكافي: ج2 ص375 باب مجالسة أهل المعاصي ح4.

(72) الطرائف: ج2 ص456 ابداع عمر وقوله نعمت البدعة.

(73) بحار الأنوار: ج89 ص17 ب1 ح16.

(74) جامع الأخبار: ص181 الفصل141.

(75) بحار الأنوار: ج2 ص152 ب19 ح44.

(76) أمالي المفيد: ص186 المجلس23 ح13.

(77) المحجة البيضاء: ج8 ص125 ب2 ح1.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.